بسم الله الرحمن الرحيم
الاستغفار للمؤمنين
الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد؛
فإن الله تعالى أوجب علينا موالاة المؤمنين، ومن مظاهر هذه الموالاة التي فرضها الله: الاستغفار لهم، وهذه نقاط حول ذلك.
الأمر للنبي صلى الله عليه وسلم بأن يستغفر للمؤمنين والمؤمنات:
قال تعالى: (فَاعْلَمْأَنَّهُ
لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَوَلِلْمُؤْمِنِينَ
وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْوَمَثْوَاكُمْ ) [محمد/19].
وقال: (فَبِمَارَحْمَةٍ
مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَالْقَلْبِ
لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْلَهُمْ
وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَىاللّهِ
إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ) [آل عمران/159].
وقال: (يَاأَيُّهَا
النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنلَّا
يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَوَلَا
يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍيَفْتَرِينَهُ
بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِيمَعْرُوفٍ
فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَغَفُورٌ
رَّحِيمٌ) [الممتحنة :12].
وقد قام النبي صلى الله عليه وسلم بذلك خير قيام، ومما يبين ذلك أحاديث كثيرة أجتزئ منها اثنين:
عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله كيف الصلاح بعد هذه الآية: (ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوء يجز به)[النساء/123].
وكل شيء عملناه جزينا به؟ فقال: «غفر الله لك يا أبا بكر!ألست تمرض؟ ألست
تحزن؟ ألست يصيبك اللأواء»؟ قال: بلى. قال: «هو ما تجزونبه» رواه ابن حبان.
وفي الصحيحين قول نبينا صلى الله عليه وسلم: «غِفَارُ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا، وَأَسْلَمُ سَالَمَهَا الله».
الحض على طلب الاستغفار من رسول الله صلى الله عليه وسلم:
قال
تعالى:(وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ
وَلَوْأَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا
اللَّهَوَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا
رَحِيمًا)[النساء/64].
قال
ابن كثيررحمه الله: "يرشد تعالى العصاة والمذنبين إذا وقع منهم الخطأ
والعصيان أنيأتوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فيستغفروا الله عنده،
ويسألوه أنيستغفر لهم؛ فإنهم إذا فعلوا ذلك تاب الله عليهم ورحمهم وغفر
لهم، ولهذاقال: (لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا)"([1]).
الأنبياء يستغفرون للمؤمنين:
ذكر
اللهتعالى عن نوح عليه السلام قوله: (رَبِّ اغْفِرْ لِي
وَلِوَالِدَيَّوَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ
وَالْمُؤْمِنَاتِوَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلا تَبَارًا) [نوح/28].
وعن إبراهيم عليه السلام: (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ) [إبراهيم/41].
الملائكة تستغفر للمؤمنين:
قال تعالى: (الَّذِينَيَحْمِلُونَ
الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْوَيُؤْمِنُونَ
بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَاوَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ
رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُواوَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ
وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ) [غافر/7].
وقال: (وَالْمَلائِكَةُيُسَبِّحُونَ
بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الأَرْضِأَلا إِنَّ
اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الشورى/5].
وقال
صلى اللهعليه وسلم: «إِنَّ أَحَدَكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا دَامَتْ
الصَّلَاةُتَحْبِسُهُ، وَالْمَلَائِكَةُ تَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ
لَهُ،وَارْحَمْهُ. مَا لَمْ يَقُمْ مِنْ صَلَاتِهِ أَوْ يُحْدِثْ» رواه
البخاريومسلم.
استغفار المؤمنين للصحابة:
قال
تعالى: (وَالَّذِينَ جَاءُوامِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ
لَنَا وَلإِخْوَانِنَاالَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ
فِي قُلُوبِنَا غِلالِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)
[الحشر/10].
الاستغفار لمن نعي إليك:
ففي
الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَرضي الله عنه قال: نَعَى لَنَا رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِوَسَلَّمَ النَّجَاشِيَّ صَاحِبَ
الْحَبَشَةِ يَوْمَ الَّذِي مَاتَ فِيهِ،فَقَالَ: «اسْتَغْفِرُوا
لِأَخِيكُم».
الاستغفار للميت في صلاة الجنازة:
ثبت
فيصحيح مسلم عن عوف بن مَالِكٍ رضي الله عنه قال: صَلَّى رَسُولُ
اللَّهِصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جَنَازَةٍ، فَحَفِظْتُ
مِنْدُعَائِهِ وَهُوَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ،
وَارْحَمْهُ،وَعَافِهِ، وَاعْفُ عَنْهُ، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ، وَوَسِّعْ
مُدْخَلَهُ،وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّهِ
مِنْالْخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الْأَبْيَضَ مِنْ
الدَّنَسِ،وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ، وَأَهْلًا خَيْرًا
مِنْأَهْلِهِ، وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ، وَأَدْخِلْهُ
الْجَنَّةَ،وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وعَذَابِ النَّارِ» قَالَ:
حَتَّىتَمَنَّيْتُ أَنْ أَكُونَ أَنَا ذَلِكَ الْمَيِّتَ.
الاستغفار للمؤمن بعد دفنه:
عن
عثمان بنعفان رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من
دفنالميت وقف عليه فقال: «اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ، وَسَلُوا
لَهُبِالتَّثْبِيتِ؛ فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ» رواه أبو داود.
الاستغفار للأموات:
قال جبريل لنبينا صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ رَبَّكَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَأْتِيَ أَهْلَ الْبَقِيعِ فَتَسْتَغْفِرَ لَهُمْ» رواه مسلم.
وقد
قالربنا: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ
لِمَنْكَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ
كَثِيرًا)[الأحزاب/21].
وعن
أم سلمةرضي الله عنها قالت: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي
سلمة وقدشَقَّ بصرُه، فأغمضه، ثم قال: «إن الروح إذا قبض تبعه البصر».
فضجَّ ناسمن أهله، فقال: «لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ إِلَّا
بِخَيْرٍ؛فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ»، ثم
قال:«اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَبِي سَلَمَةَ، وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ
فِيالْمَهْدِيِّينَ، وَاخْلُفْهُ فِي عَقِبِهِ فِي الْغَابِرِينَ،
وَاغْفِرْلَنَا وَلَهُ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، وَافْسَحْ لَهُ فِي
قَبْرِهِوَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ» رواه مسلم.
وأولىالأموات
باستغفارك والداك، فقد ندب النبي صلى الله عليه وسلم إلىالاستغفار لهما
بقوله: «إِنَّ الرَّجُلَ لَتُرْفَعُ دَرَجَتُهُ فِيالْجَنَّةِ، فَيَقُولُ:
أَنَّى هَذَا؟ فَيُقَالُ: بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَلَكَ» رواه أحمد وابن
ماجة.
التجاوز عن الصالحين والاستغفار لهم:
قال
ربيعةالأسلمي في قصة زواجه: "... إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُعَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَانِي أَرْضًا وَأَعْطَانِي أَبُو
بَكْرٍأَرْضًا، وَجَاءَتْ الدُّنْيَا فَاخْتَلَفْنَا فِي عِذْقِ
نَخْلَةٍ،فَقُلْتُ: هِيَ فِي حَدِّي. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: هِيَ فِي
حَدِّي.فَكَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي بَكْرٍ كَلَامٌ، فَقَالَ أَبُو
بَكْرٍكَلِمَةً كَرِهَهَا وَنَدِمَ. فَقَالَ لِي: يَا رَبِيعَةُ رُدَّ
عَلَيَّمِثْلَهَا؛ حَتَّى تَكُونَ قِصَاصًا. فقُلْتُ: لَا أَفْعَلُ.
فَقَالَأَبُو بَكْرٍ: لَتَقُولَنَّ أَوْ لَأَسْتَعْدِيَنَّ عَلَيْكَ
رَسُولَاللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقُلْتُ: مَا
أَنَابِفَاعِلٍ. وَرَفَضَ الْأَرْضَ، وَانْطَلَقَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ
اللَّهُعَنْهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَانْطَلَقْتُأَتْلُوهُ، فَجَاءَ نَاسٌ مِنْ أَسْلَمَ فَقَالُوا لِي:
رَحِمَ اللَّهُأَبَا بَكْرٍ، فِي أَيِّ شَيْءٍ يَسْتَعْدِي عَلَيْكَ
رَسُولَ اللَّهِصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ قَالَ لَكَ مَا
قَالَ!؟فَقُلْتُ: أَتَدْرُونَ مَا هَذَا؟ هَذَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ،
هَذَاثَانِيَ اثْنَيْنِ، وَهَذَا ذُو شَيْبَةِ الْمُسْلِمِينَ، إِيَّاكُمْ
لَايَلْتَفِتُ فَيَرَاكُمْ تَنْصُرُونِي عَلَيْهِ فَيَغْضَبَ،
فَيَأْتِيَرَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَيَغْضَبَلِغَضَبِهِ، فَيَغْضَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِغَضَبِهِمَا،
فَيُهْلِكَرَبِيعَةَ. قَالُوا: مَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: ارْجِعُوا.
قَالَ:فَانْطَلَقَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى رَسُولِ
اللَّهِصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَبِعْتُهُ وَحْدِي، حَتَّى
أَتَىالنَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَدَّثَهُ
الْحَدِيثَكَمَا كَانَ، فَرَفَعَ إِلَيَّ رَأْسَهُ فَقَالَ: «يَا
رَبِيعَةُ مَا لَكَوَلِلصِّدِّيقِ»؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَانَ
كَذَا كَانَ كَذَاقَالَ لِي كَلِمَةً كَرِهَهَا، فَقَالَ لِي: قُلْ كَمَا
قُلْتُ حَتَّىيَكُونَ قِصَاصًا، فَأَبَيْتُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُعَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَجَلْ، فَلَا تَرُدَّ عَلَيْهِ،
وَلَكِنْ قُلْ:غَفَرَ اللَّهُ لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ». فَقُلْتُ: غَفَرَ
اللَّهُ لَكَيَا أَبَا بَكْرٍ. قَالَ الْحَسَنُ: فَوَلَّى أَبُو بَكْرٍ
رَضِيَ اللَّهُعَنْهُ وَهُوَ يَبْكِي.
طلب الاستغفار من مجابي الدعوة:
ثبت
في صحيحمسلم أنّ عُمَر بْن! الْخَطَّابِ رضي الله عنه كان إِذَا أَتَى
عَلَيْهِأَمْدَادُ أَهْلِ الْيَمَنِ سَأَلَهُمْ: أَفِيكُمْ أُوَيْسُ بْنُ
عَامِرٍ؟حَتَّى أَتَى عَلَى أُوَيْسٍ فَقَالَ: أَنْتَ أُوَيْسُ بْنُ
عَامِرٍ.
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: مِنْ مُرَادٍ ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: فَكَانَ بِكَ بَرَصٌ فَبَرَأْتَ مِنْهُ إِلَّا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: لَكَ وَالِدَةٌ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ:
سَمِعْتُرَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
«يَأْتِيعَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ مَعَ أَمْدَادِ أَهْلِ
الْيَمَنِ، مِنْمُرَادٍ، ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ، كَانَ بِهِ بَرَصٌ فَبَرَأَ
مِنْهُ إِلَّامَوْضِعَ دِرْهَمٍ، لَهُ وَالِدَةٌ هُوَ بِهَا بَرٌّ، لَوْ
أَقْسَمَ عَلَىاللَّهِ لَأَبَرَّهُ، فَإِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ
لَكَفَافْعَلْ».
فَاسْتَغْفِرْ لِي، فَاسْتَغْفَرَ لَهُ.
فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَيْنَ تُرِيدُ؟
قَالَ: الْكُوفَةَ.
قَالَ: أَلَا أَكْتُبُ لَكَ إِلَى عَامِلِهَا؟
قَالَ: أَكُونُ فِي غَبْرَاءِ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيَّ.
قَالَ
فَلَمَّاكَانَ مِنْ الْعَامِ الْمُقْبِلِ حَجَّ رَجُلٌ مِنْ
أَشْرَافِهِمْ،فَوَافَقَ عُمَرَ، فَسَأَلَهُ عَنْ أُوَيْسٍ، قَالَ:
تَرَكْتُهُ رَثَّالْبَيْتِ قَلِيلَ الْمَتَاعِ. قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّىاللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ... فأخبره بالحديث.
فَأَتَى الرجل أُوَيْسًا فَقَالَ: اسْتَغْفِرْ لِي.
قَالَ: أَنْتَ أَحْدَثُ عَهْدًا بِسَفَرٍ صَالِحٍ فَاسْتَغْفِرْ لِي.
قَالَ: اسْتَغْفِرْ لِي.
قَالَ أَنْتَ أَحْدَثُ عَهْدًا بِسَفَرٍ صَالِحٍ فَاسْتَغْفِرْ لِي.
قَالَ: لَقِيتَ عُمَرَ؟
قَالَ: نَعَمْ، فَاسْتَغْفَرَ لَهُ.
فَفَطَنَ لَهُ النَّاسُ، فَانْطَلَقَ عَلَى وَجْهِهِ.
طلب الاستغفار من المظلوم للتحلل منه:
عن
أنس بنمالك رضي الله عنه قال: كانت العرب تخدم بعضها بعضاً في الأسفار، و
كان معأبي بكر و عمر رجل يخدُمهما، فناما، فاستيقظا، و لم يهيئ لهما
طعاما، فقالأحدهما لصاحبه: إن هذا ليوائم نوم بيتكم، فأيقظاه فقالا: ائت
رسول اللهصلى الله عليه وسلم فقل له: إن أبا بكر و عمر يقرئانك السلام،
وهمايستأدمانك. فقال: «أقرئهما السلام، وأخبرهما أنهما قد ائتدما»،
ففزعا،فجاءا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالا: يا رسول الله بعثنا
إليكنستأدمك، فقلت: «قد ائتدما». فبأي شيء ائتدمنا؟ قال: «بلحم أخيكما،
والذينفسـي بيده إني لأرى لحمه بين أنيابكما»، يعني لحم الذي استغاباه.
قالا:فاستغفر لنا. قال: «هو فليستغفر لكما» أخرجه الضياء المقدسِي في
المختارة.
الترغيب في الاستغفار للمؤمنين:
عن
عبادة بنالصامت رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من
استغفرللمؤمنين وللمؤمنات كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة» رواه
الطبراني.
وباستغفاركللمؤمنين
تستغفر لك الملائكة؛ لحديث مسلم: «مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍيَدْعُو
لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ إِلَّا قَالَ الْمَلَكُ: وَلَكَبِمِثْلٍ».
ماذا تقول لمن استغفر لك؟
روى
الترمذيفي الشمائل، عن عبد الله بن سرجس رضي الله عنه قال: أتيت رسول الله
صلىالله عليه وسلم وهو في ناس من أصحابه، فدرت هكذا من خلفه، فعرف الذي
أريدفألقى الرداء عن ظهره، فرأيت موضع الخاتم على كتفيه، فرجعت حتى
استقبلتهفقلت: غفر الله لك يا رسول الله. فقال: «ولك».
حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة!
ففي
القرآنالكريم دعوةُ موسى عليه السلام لأخيه: ( رَبِّ اغْفِرْ لِي
وَلأَخِيوَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ )
[الأعراف:151].
ففيها: أن من أراد أن يستغفر أو يدعو لإخوانه فإنه يبدأ بنفسه.
رب اغفر لي، ولوالدي، ولمن قرأها، ونشرها، وسعى في شيء منها، وللمؤمنين والمؤمنات.
وصل اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
الاستغفار للمؤمنين
الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد؛
فإن الله تعالى أوجب علينا موالاة المؤمنين، ومن مظاهر هذه الموالاة التي فرضها الله: الاستغفار لهم، وهذه نقاط حول ذلك.
الأمر للنبي صلى الله عليه وسلم بأن يستغفر للمؤمنين والمؤمنات:
قال تعالى: (فَاعْلَمْأَنَّهُ
لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَوَلِلْمُؤْمِنِينَ
وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْوَمَثْوَاكُمْ ) [محمد/19].
وقال: (فَبِمَارَحْمَةٍ
مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَالْقَلْبِ
لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْلَهُمْ
وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَىاللّهِ
إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ) [آل عمران/159].
وقال: (يَاأَيُّهَا
النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنلَّا
يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَوَلَا
يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍيَفْتَرِينَهُ
بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِيمَعْرُوفٍ
فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَغَفُورٌ
رَّحِيمٌ) [الممتحنة :12].
وقد قام النبي صلى الله عليه وسلم بذلك خير قيام، ومما يبين ذلك أحاديث كثيرة أجتزئ منها اثنين:
عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله كيف الصلاح بعد هذه الآية: (ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوء يجز به)[النساء/123].
وكل شيء عملناه جزينا به؟ فقال: «غفر الله لك يا أبا بكر!ألست تمرض؟ ألست
تحزن؟ ألست يصيبك اللأواء»؟ قال: بلى. قال: «هو ما تجزونبه» رواه ابن حبان.
وفي الصحيحين قول نبينا صلى الله عليه وسلم: «غِفَارُ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا، وَأَسْلَمُ سَالَمَهَا الله».
الحض على طلب الاستغفار من رسول الله صلى الله عليه وسلم:
قال
تعالى:(وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ
وَلَوْأَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا
اللَّهَوَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا
رَحِيمًا)[النساء/64].
قال
ابن كثيررحمه الله: "يرشد تعالى العصاة والمذنبين إذا وقع منهم الخطأ
والعصيان أنيأتوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فيستغفروا الله عنده،
ويسألوه أنيستغفر لهم؛ فإنهم إذا فعلوا ذلك تاب الله عليهم ورحمهم وغفر
لهم، ولهذاقال: (لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا)"([1]).
الأنبياء يستغفرون للمؤمنين:
ذكر
اللهتعالى عن نوح عليه السلام قوله: (رَبِّ اغْفِرْ لِي
وَلِوَالِدَيَّوَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ
وَالْمُؤْمِنَاتِوَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلا تَبَارًا) [نوح/28].
وعن إبراهيم عليه السلام: (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ) [إبراهيم/41].
الملائكة تستغفر للمؤمنين:
قال تعالى: (الَّذِينَيَحْمِلُونَ
الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْوَيُؤْمِنُونَ
بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَاوَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ
رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُواوَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ
وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ) [غافر/7].
وقال: (وَالْمَلائِكَةُيُسَبِّحُونَ
بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الأَرْضِأَلا إِنَّ
اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الشورى/5].
وقال
صلى اللهعليه وسلم: «إِنَّ أَحَدَكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا دَامَتْ
الصَّلَاةُتَحْبِسُهُ، وَالْمَلَائِكَةُ تَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ
لَهُ،وَارْحَمْهُ. مَا لَمْ يَقُمْ مِنْ صَلَاتِهِ أَوْ يُحْدِثْ» رواه
البخاريومسلم.
استغفار المؤمنين للصحابة:
قال
تعالى: (وَالَّذِينَ جَاءُوامِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ
لَنَا وَلإِخْوَانِنَاالَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ
فِي قُلُوبِنَا غِلالِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)
[الحشر/10].
الاستغفار لمن نعي إليك:
ففي
الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَرضي الله عنه قال: نَعَى لَنَا رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِوَسَلَّمَ النَّجَاشِيَّ صَاحِبَ
الْحَبَشَةِ يَوْمَ الَّذِي مَاتَ فِيهِ،فَقَالَ: «اسْتَغْفِرُوا
لِأَخِيكُم».
الاستغفار للميت في صلاة الجنازة:
ثبت
فيصحيح مسلم عن عوف بن مَالِكٍ رضي الله عنه قال: صَلَّى رَسُولُ
اللَّهِصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جَنَازَةٍ، فَحَفِظْتُ
مِنْدُعَائِهِ وَهُوَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ،
وَارْحَمْهُ،وَعَافِهِ، وَاعْفُ عَنْهُ، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ، وَوَسِّعْ
مُدْخَلَهُ،وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّهِ
مِنْالْخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الْأَبْيَضَ مِنْ
الدَّنَسِ،وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ، وَأَهْلًا خَيْرًا
مِنْأَهْلِهِ، وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ، وَأَدْخِلْهُ
الْجَنَّةَ،وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وعَذَابِ النَّارِ» قَالَ:
حَتَّىتَمَنَّيْتُ أَنْ أَكُونَ أَنَا ذَلِكَ الْمَيِّتَ.
الاستغفار للمؤمن بعد دفنه:
عن
عثمان بنعفان رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من
دفنالميت وقف عليه فقال: «اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ، وَسَلُوا
لَهُبِالتَّثْبِيتِ؛ فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ» رواه أبو داود.
الاستغفار للأموات:
قال جبريل لنبينا صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ رَبَّكَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَأْتِيَ أَهْلَ الْبَقِيعِ فَتَسْتَغْفِرَ لَهُمْ» رواه مسلم.
وقد
قالربنا: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ
لِمَنْكَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ
كَثِيرًا)[الأحزاب/21].
وعن
أم سلمةرضي الله عنها قالت: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي
سلمة وقدشَقَّ بصرُه، فأغمضه، ثم قال: «إن الروح إذا قبض تبعه البصر».
فضجَّ ناسمن أهله، فقال: «لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ إِلَّا
بِخَيْرٍ؛فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ»، ثم
قال:«اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَبِي سَلَمَةَ، وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ
فِيالْمَهْدِيِّينَ، وَاخْلُفْهُ فِي عَقِبِهِ فِي الْغَابِرِينَ،
وَاغْفِرْلَنَا وَلَهُ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، وَافْسَحْ لَهُ فِي
قَبْرِهِوَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ» رواه مسلم.
وأولىالأموات
باستغفارك والداك، فقد ندب النبي صلى الله عليه وسلم إلىالاستغفار لهما
بقوله: «إِنَّ الرَّجُلَ لَتُرْفَعُ دَرَجَتُهُ فِيالْجَنَّةِ، فَيَقُولُ:
أَنَّى هَذَا؟ فَيُقَالُ: بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَلَكَ» رواه أحمد وابن
ماجة.
التجاوز عن الصالحين والاستغفار لهم:
قال
ربيعةالأسلمي في قصة زواجه: "... إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُعَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَانِي أَرْضًا وَأَعْطَانِي أَبُو
بَكْرٍأَرْضًا، وَجَاءَتْ الدُّنْيَا فَاخْتَلَفْنَا فِي عِذْقِ
نَخْلَةٍ،فَقُلْتُ: هِيَ فِي حَدِّي. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: هِيَ فِي
حَدِّي.فَكَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي بَكْرٍ كَلَامٌ، فَقَالَ أَبُو
بَكْرٍكَلِمَةً كَرِهَهَا وَنَدِمَ. فَقَالَ لِي: يَا رَبِيعَةُ رُدَّ
عَلَيَّمِثْلَهَا؛ حَتَّى تَكُونَ قِصَاصًا. فقُلْتُ: لَا أَفْعَلُ.
فَقَالَأَبُو بَكْرٍ: لَتَقُولَنَّ أَوْ لَأَسْتَعْدِيَنَّ عَلَيْكَ
رَسُولَاللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقُلْتُ: مَا
أَنَابِفَاعِلٍ. وَرَفَضَ الْأَرْضَ، وَانْطَلَقَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ
اللَّهُعَنْهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَانْطَلَقْتُأَتْلُوهُ، فَجَاءَ نَاسٌ مِنْ أَسْلَمَ فَقَالُوا لِي:
رَحِمَ اللَّهُأَبَا بَكْرٍ، فِي أَيِّ شَيْءٍ يَسْتَعْدِي عَلَيْكَ
رَسُولَ اللَّهِصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ قَالَ لَكَ مَا
قَالَ!؟فَقُلْتُ: أَتَدْرُونَ مَا هَذَا؟ هَذَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ،
هَذَاثَانِيَ اثْنَيْنِ، وَهَذَا ذُو شَيْبَةِ الْمُسْلِمِينَ، إِيَّاكُمْ
لَايَلْتَفِتُ فَيَرَاكُمْ تَنْصُرُونِي عَلَيْهِ فَيَغْضَبَ،
فَيَأْتِيَرَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَيَغْضَبَلِغَضَبِهِ، فَيَغْضَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِغَضَبِهِمَا،
فَيُهْلِكَرَبِيعَةَ. قَالُوا: مَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: ارْجِعُوا.
قَالَ:فَانْطَلَقَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى رَسُولِ
اللَّهِصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَبِعْتُهُ وَحْدِي، حَتَّى
أَتَىالنَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَدَّثَهُ
الْحَدِيثَكَمَا كَانَ، فَرَفَعَ إِلَيَّ رَأْسَهُ فَقَالَ: «يَا
رَبِيعَةُ مَا لَكَوَلِلصِّدِّيقِ»؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَانَ
كَذَا كَانَ كَذَاقَالَ لِي كَلِمَةً كَرِهَهَا، فَقَالَ لِي: قُلْ كَمَا
قُلْتُ حَتَّىيَكُونَ قِصَاصًا، فَأَبَيْتُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُعَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَجَلْ، فَلَا تَرُدَّ عَلَيْهِ،
وَلَكِنْ قُلْ:غَفَرَ اللَّهُ لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ». فَقُلْتُ: غَفَرَ
اللَّهُ لَكَيَا أَبَا بَكْرٍ. قَالَ الْحَسَنُ: فَوَلَّى أَبُو بَكْرٍ
رَضِيَ اللَّهُعَنْهُ وَهُوَ يَبْكِي.
طلب الاستغفار من مجابي الدعوة:
ثبت
في صحيحمسلم أنّ عُمَر بْن! الْخَطَّابِ رضي الله عنه كان إِذَا أَتَى
عَلَيْهِأَمْدَادُ أَهْلِ الْيَمَنِ سَأَلَهُمْ: أَفِيكُمْ أُوَيْسُ بْنُ
عَامِرٍ؟حَتَّى أَتَى عَلَى أُوَيْسٍ فَقَالَ: أَنْتَ أُوَيْسُ بْنُ
عَامِرٍ.
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: مِنْ مُرَادٍ ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: فَكَانَ بِكَ بَرَصٌ فَبَرَأْتَ مِنْهُ إِلَّا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: لَكَ وَالِدَةٌ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ:
سَمِعْتُرَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
«يَأْتِيعَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ مَعَ أَمْدَادِ أَهْلِ
الْيَمَنِ، مِنْمُرَادٍ، ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ، كَانَ بِهِ بَرَصٌ فَبَرَأَ
مِنْهُ إِلَّامَوْضِعَ دِرْهَمٍ، لَهُ وَالِدَةٌ هُوَ بِهَا بَرٌّ، لَوْ
أَقْسَمَ عَلَىاللَّهِ لَأَبَرَّهُ، فَإِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ
لَكَفَافْعَلْ».
فَاسْتَغْفِرْ لِي، فَاسْتَغْفَرَ لَهُ.
فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَيْنَ تُرِيدُ؟
قَالَ: الْكُوفَةَ.
قَالَ: أَلَا أَكْتُبُ لَكَ إِلَى عَامِلِهَا؟
قَالَ: أَكُونُ فِي غَبْرَاءِ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيَّ.
قَالَ
فَلَمَّاكَانَ مِنْ الْعَامِ الْمُقْبِلِ حَجَّ رَجُلٌ مِنْ
أَشْرَافِهِمْ،فَوَافَقَ عُمَرَ، فَسَأَلَهُ عَنْ أُوَيْسٍ، قَالَ:
تَرَكْتُهُ رَثَّالْبَيْتِ قَلِيلَ الْمَتَاعِ. قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّىاللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ... فأخبره بالحديث.
فَأَتَى الرجل أُوَيْسًا فَقَالَ: اسْتَغْفِرْ لِي.
قَالَ: أَنْتَ أَحْدَثُ عَهْدًا بِسَفَرٍ صَالِحٍ فَاسْتَغْفِرْ لِي.
قَالَ: اسْتَغْفِرْ لِي.
قَالَ أَنْتَ أَحْدَثُ عَهْدًا بِسَفَرٍ صَالِحٍ فَاسْتَغْفِرْ لِي.
قَالَ: لَقِيتَ عُمَرَ؟
قَالَ: نَعَمْ، فَاسْتَغْفَرَ لَهُ.
فَفَطَنَ لَهُ النَّاسُ، فَانْطَلَقَ عَلَى وَجْهِهِ.
طلب الاستغفار من المظلوم للتحلل منه:
عن
أنس بنمالك رضي الله عنه قال: كانت العرب تخدم بعضها بعضاً في الأسفار، و
كان معأبي بكر و عمر رجل يخدُمهما، فناما، فاستيقظا، و لم يهيئ لهما
طعاما، فقالأحدهما لصاحبه: إن هذا ليوائم نوم بيتكم، فأيقظاه فقالا: ائت
رسول اللهصلى الله عليه وسلم فقل له: إن أبا بكر و عمر يقرئانك السلام،
وهمايستأدمانك. فقال: «أقرئهما السلام، وأخبرهما أنهما قد ائتدما»،
ففزعا،فجاءا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالا: يا رسول الله بعثنا
إليكنستأدمك، فقلت: «قد ائتدما». فبأي شيء ائتدمنا؟ قال: «بلحم أخيكما،
والذينفسـي بيده إني لأرى لحمه بين أنيابكما»، يعني لحم الذي استغاباه.
قالا:فاستغفر لنا. قال: «هو فليستغفر لكما» أخرجه الضياء المقدسِي في
المختارة.
الترغيب في الاستغفار للمؤمنين:
عن
عبادة بنالصامت رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من
استغفرللمؤمنين وللمؤمنات كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة» رواه
الطبراني.
وباستغفاركللمؤمنين
تستغفر لك الملائكة؛ لحديث مسلم: «مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍيَدْعُو
لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ إِلَّا قَالَ الْمَلَكُ: وَلَكَبِمِثْلٍ».
ماذا تقول لمن استغفر لك؟
روى
الترمذيفي الشمائل، عن عبد الله بن سرجس رضي الله عنه قال: أتيت رسول الله
صلىالله عليه وسلم وهو في ناس من أصحابه، فدرت هكذا من خلفه، فعرف الذي
أريدفألقى الرداء عن ظهره، فرأيت موضع الخاتم على كتفيه، فرجعت حتى
استقبلتهفقلت: غفر الله لك يا رسول الله. فقال: «ولك».
حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة!
ففي
القرآنالكريم دعوةُ موسى عليه السلام لأخيه: ( رَبِّ اغْفِرْ لِي
وَلأَخِيوَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ )
[الأعراف:151].
ففيها: أن من أراد أن يستغفر أو يدعو لإخوانه فإنه يبدأ بنفسه.
رب اغفر لي، ولوالدي، ولمن قرأها، ونشرها، وسعى في شيء منها، وللمؤمنين والمؤمنات.
وصل اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
السبت يوليو 04, 2020 10:40 am من طرف حلاوه المدينة
» دورات فى المحاسبه الماليه
الإثنين أغسطس 25, 2014 1:39 am من طرف امل الجيار
» التعليم المفتوح
الأحد أغسطس 24, 2014 1:26 am من طرف امل الجيار
» كيراتين برازيلي
الأحد أبريل 13, 2014 8:53 pm من طرف R.3.A
» انا جيييييييييييييييت
الأحد أبريل 13, 2014 8:43 pm من طرف R.3.A
» كلمات اعجبتني
الثلاثاء مارس 04, 2014 3:47 am من طرف 7soon
» رحبوبوا بي ........ 7soon
الثلاثاء مارس 04, 2014 3:40 am من طرف 7soon
» روائع من حياتنا "
الأربعاء يونيو 13, 2012 3:44 am من طرف اميرة الذوق
» كلمااااااات جميلة
الأربعاء يونيو 13, 2012 3:27 am من طرف اميرة الذوق